السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أدب الإختلاف ..
إن الإختلاف سنة من السنن الكونية التي أوجدها الله في هذا العالم الفسيح ..إذا يقول تبارك و تعالى
:{ فاختلف الأحزاب من بينهم } ...ولا شك بأنه ظاهرة لا يمكن تحاشيها باعتبارها مظهراً من مظاهر الإنسانية التي
ركبت في الإنسان إذ أن الاختلاف والتفاوت في الرأي واللون والشكل والنظرة للأشياء وارد الوقوع . يقول العلامة ابن
القيم : "وقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت أغراضهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بغضهم
على بغض وعدوانه" ..فلا بد أن ندرك آداب الإختلاف كي لا نقع في مستنقع الشقاق والمهاترات اللفظية في حين يمكننا
تفاديهما بالحوار الذي من شأنه أن يقدم البدائل العديدة لتجنب مأزق الاصطدام في زاوية الشقاق والخصام.
كما أن الإختلاف يتوزع بين الناس أفقيًا وعمودياً في كل الفئات وعلى مختلف المستويات...تعدد أسبابه وتتنوع ألوانه
وتستعمل فيه كل الوسائل من تهديد ووعيد وتبديع وتشويه وتسفيه وأستعمل فيه الخصوم كل أدوات الدفاع والهجوم
وضاقت بالحياد فيه الأرض بما رحبت فالكل متهم والكل براء وأعجز داء الأمة الدواء فحضر الشهود إلا شاهد العقل واستحضرت
الحجج إلا حجة الإنصاف طبعا بإعتباره ظاهرة أبدية الميلاد ..لذا إختلافنا اليوم ليس بمشكلة أو عار في حد ذاته لكن نحتاج فعلا
أن نتقن فن وأدب الحوار لنحسن التعامل معه ..
نحن هنا لا نحاول إصدار فتاوى في مسآلة إختلاف وجهات النظر ولا تحضير بلسم سحري يبرء الأوصاب لأن ذلك
ليس في مقدورنا ولا في طاقتنا ونكلفكم عناء لو حاولنا ذلك... وقد يكون من المفارقات أن أطلب منكم
المحاباة والمجاملة في الحكم أو التعبير عن آرائكم...وفي الوقت نفسه لا يمكن أن يكون حال قسم النقاشات بهذا
الشكل ..فأعداد المواضيع المغلقة في إزدياد .. ومحاولة تعديل المشاركات كثيرة ..والإنذارات أكثر فأكثر ...لذا نحن نحاول
تعقيل أو عقلنة جدلنا وتنظيم اختلافاتنا وترتيب درجات سلم أولوياتنا وتحسين نياتنا على ضوء ما يطرح من
قضايا ذات إتجاهين ..
أنظروا إلى مقولة العلامة أبن القيم وركزوا جيدا في حروفه :
يقول ابن القيم : " فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباس والتحري وكل من
المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية
لأنه إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريقة المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن
وقع كان اختلافًا لا يضر )
أسئلة النقاش ::
_ كيف نجعل اختلافنا من هذا النوع الذي أشار إليه ابن القيم ؟
_ هل تعتقد أن من يخالفك الرأي هو ضدك ؟
_ إلى أي مدى تؤمن بحرية الرأي والتعبير ؟